مدونة هانى ظريف

علم الآثار الفلكى يهتم بدراسة الآثار المصرية القديمة و علاقة محاورها الرئيسية بمواقع الشَّمْسُ و النجوم و القَمَرُ و الكواكب و حركات الأجرام السماوية الأخرى.

  • أحدث التدوينات

        زوار مدونة هانى ظريف من جميع أنحاء العالم

    Google Translate

    الاثنين، 13 يناير 2020

    أقدم التقاويم كأول أجهزة ضبط للوقت منذ العصر الحجري

        في الحضارة المصرية القديمة، هناك العديد من الأدلة تبين استخدام المصرى القديم للعديد من الملاحظات والحقائق الفلكية المعروفة المبنية على فهم عميق و أدراك متقدم للغاية مبنى على تتبع تحركات الأجرام السماوية. و لذلك فمن المفترض أن تكون معرفتهم بعلم الفلك عميقة في التاريخ و هى أعمق بكثير من وقت بناء الأهرام (2500 قبل الميلاد). و قد اكتشفت العديد من الدراسات أن الأهرام قد بُنيت وفقًا للعديد من حقائق علم الفلك وملاحظات الرصد الفلكى والحسابات الرياضية الغير بسيطة، بحيث يمكن للمرء أن يقول أن هذه المعرفة الفلكية المتقدمة من المفترض أن تكون قد بدأت منذ وقت طويل (فترة ما قبل الأسرات). و تخصص التقاليد الإغريقية معرفة فلكية كبيرة للكهنة المصريين الذين عاشوا منذ آلاف السنين قبل الميلاد، و على كل حال، فان بعضاً من اخص خصوصيات الأهرام التي بنيت في تلك الفترة قد تم تفسيرها كدليل على الأرصاد الفلكية الدقيقة جداً. حيث درس الكهنة علم الفلك بنجاح باهر، وخرائط النجوم التي تم تجميعها من قبلهم كانت تستخدم بلا شك لأغراض عملية بما يتفق مع زراعة البلاد.
    توسط شمس المغيب هرمى خوفو يميناً و خفرع يساراً بما يشابه علامة "آخت" التى تعنى أفق و هى اسم هرم خوفو (آخت خوفو)
    ظهور الإنسان:
    رغم وجود بقايا حيوانات، و أسلحة، وأدوات من الصوان تشير إلى وجود إنساني في الهند لما يقرب من مليوني عام (من أشباه البشر)، إلى ان ظهر في شمال شرق إفريقيا من سلالة "الإنسان العاقل" من المصريون الأوائل (إذا استطعنا أن نسميهم هكذا قبل وجود مصر ذاتها كدولة قائمة بذاتها) في العصر الحجري القديم منذ حوالي 500,000 قبل الميلاد (للمزيد انقر على هذا الرابط)، ثم ُسكنت طيبة باستمرار منذ أخر 250,000 سنة. و لكنهم لم يبدأوا في تمركز مخيماتهم بالقرب من نهر النيل حتى بدأ المناخ يصبح أكثر جفافاً، ففى حوالي 25,000 قبل الميلاد تشكلت الصحاري الشرقية والغربية.
    و بقدر ما يمكننا أن نحكم من البقايا المادية، فقد خضع سلوكهم الفكري لتغيير عميق في بداية الفترة المحددة بالعصر الحجري القديم الأعلي، و هى التي تمتد على نطاق واسع جداً، فيما بين السنوات 50,000 و 10,000 قبل الميلاد.
    و يعود تاريخ البشرية إلى مئات الآلاف من السنين، في أعماق العصر الحجري. و منذ الآلاف السنين، استخدم الإنسان المبكر الأدوات الحجرية في فترة تسمى بالعصر الحجري القديم، وهو الوقت الذي كانت المجتمعات تميل فيه إلى التحرك حسب الموسم و الموارد المتاحة. ولكن فى حوالي عام 5,000 قبل الميلاد  وهو تاريخ تقريبي للغاية  بدأ العصر الحجري الحديث (الجديد) في الانتشار في جميع أنحاء مصر. و على عكس إنسان العصر الحجرى القديم "الصياد – الجامع للقوت"، بدأ سكان العصر الحجري الحديث في إنشاء المزارع وبقوا فى اماكنهم بدلاً من التجول للصيد.
    و منذ الحقبة الاوريجانيسية على الأقل (حوالي 32,000 - 26,000 سنة مضت)، صورت ثقافات مجتمعات "الصيادين – الجامعين للقوتالتقاويم كايقاع دورى و تغير موسمى فى صورة الظواهر السنوية الدورية للنباتات والحيوانات، سواء علي جدران الكهوف الصخرية أو الأجسام المنقولة. وبصفتهم "صيادين"، فقد أدركوا تمامًا الإيقاعات البيولوجية للحيوانات، مثل نشاطها النهاري والليلي، وموسم تزاوجها، ومدة حملها، ووقت ولادتها وحضانتها، وتغيير فرائها، وتكوينها لقرونها ثم إسقاطها لها لتنبت من جديد، وهجرتها السنوية (لا سيما في حالة الطيور)، وإنتاجها البيض. وباعتبارهم "جامعين للقوت" لم يتمكنوا من الإخفاق في التعرف على الإيقاعات الدورية لتطور النباتات. فالتغيير الموسمي بين الكهوف الصيفية والشتوية واضح من بقايا الحيوانات والنباتات التي تم استهلاكها أو استخدامها بطرق أخرى. و يبدو أن بعض المأوى الكهفية المحلية قد تمت زيارتها فقط في أوقات معينة، حيث لم يتم إنشاء وتجديد الرسوم إلا خلال الفترات الزمنية "الخاصة". بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الأدلة على أن إضاءة الكهوف والملاجئ الصخرية بواسطة أشعة الشمس في أيام معينة من السنة قد تكون ذات دلالة فلكية معينة، على سبيل المثال الإضاءة للغرفة الداخلية في El Parpalló، وهو كهف محمي بالقرب من Gandía في إسبانيا و الذي استخدم في حقبتي السولوترية و المجدلينية.
    و منذ العصر الحجري القديم كانت مجموعة من نجوم الثُّرَيَّا، من بين الأشياء الأقدم في السماء التي رصدها الإنسان. و كذلك الدبران. حيث كان ظهورهما في السماء مؤشر مهم كالشروق الاحتراقى، حيث أعلن للسكان القدماء فترةً خاصةً من السنة أو بداية موسم جديد.
    جذور علم الفلك القديم:
    الاهتمام واسع النطاق بعلم الفلك بين شعوب العالم القديم له جذوره في العصور القديمة. و هناك بعض الأدلة على حفظ التقويم في العصر الحجري القديم، و الذى ربما يعود إلى 50,000 سنة أو أكثر، و مثل هذه الأدلة قوية في المنشآت الحجرية الضخمة (كوادى النبطة، 100 كم شمال غرب أبو سمبل). و منذ الألفية الخامسة قبل الميلاد، وجدنا أدلة على حضارات يمكن التعرف عليها أثريًا، حيث لعب علم الفلك دورًا مهمًا. (للمزيد انقر على هذا الرابط).
    و من الضروري أن ندرك هذه الحقيقة: لدينا تمثيلات لنجوم من حقبة سابقة إلى حداً كبير جداً. حيث أكد علم الآثار الفلكي القديم أن إنسان العصر الحجري القديم استطاع أن يتبع الأنماط البارزة للنجوم منذ 16,500 قبل الميلاد.
    و هناك خاصيتان تتميزان ببشرية متميزة لعدة عشرات الآلاف من السنين، وهما قدرة "الإنسان العاقل" على التفكير المجرد، أي الربط بين الأشياء من أجل تلبية الرغبة في فهمها، واستخدام التمثيل الرمزي للتعبير عن الأفكار. و هناك أدلة كثيرة على وجود هذه الخاصية الأخيرة منذ العصر الحجري القديم الأعلى، في شكل علامات منهجية على العديد من الأشياء الصغيرة المحمولة مثل قطع من العظام. و ذلك رغم ان معانيها هى موضع نقاش كبير.
    و لعل أهم نقطة هى أن جميع أنظمة الاعتقاد الموجودة فى العصور التاريخية يمكننا تتبع أنماط خطوطها العريضة منذ العصر الحجري القديم. فعلى سبيل المثال عدداً كبيراً من الارباب الأسطورية العظيمة التي عبدها المصري القديم كان يعبدها أيضاً سلفه في عصور ما قبل الأسرات.
    تقديس البقرة السماوية:
    اناس العصر الحجري القديم الأعلي قد اصطادوا نوعاً من البقر الكبير يعرف باسم الأُرْخُص Aurochs (صنف من الماشية البدائى و البرى من السلالة الأفريقية) على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط في شمال أفريقيا، و قد وجد بانتظام على طول نهر النيل حتى الجنوب حيث الجندل الثاني. وقد نُسبت بقايا كبيرة من مواقع العصر الحجري الحديث المبكر في الصحراء الغربية إلى هذه الماشية المحلية الكبيرة البدائية. و تشير أقدم المكتشفات، من الألفية الثامنة قبل الميلاد، إلى أن الأشخاص الذين كانوا يستخدمون الصحراء الغربية في أوائل فترة الهولوسين الرطبة ويأتون من وادي النيل المصري استأنسوها بشكل مستقل في أفريقيا، فعلى الأرجح، انهم قد أقاموا بالفعل شكلاً متطوراً من التحكم و السيطرة الحضارية على الأُرْخُص Aurochs. و قد اُستمدت الماشية المصرية القديمة من هذا النوع المستأنس المبكر، ولكن تم إدخال ماشية من جنوب غرب آسيا أيضاً. و بسبب أهميتها في التربية و الزراعة و الدين، فإن الماشية موثقة جيداً في الفن المصري القديم.
    و يمكن تصور عبادة محتملة للغاية من الماشية البرية في العصر الحجري القديم، مرتبطة مع حركة الثُّرَيَّا في السماء في منطقة البحر الأبيض المتوسط. لاسيما في مصر القديمة، حيث يمكن تتبع طقوس الماشية، من عبادة النوع المعروف بـ Bos primigenius الافريقى، من صنف (جنس) الأُرْخُص، حتى الأبقار المستأنسة. ثم عبادة الربة حتحور (البقرة السماوية) منذ الأسرة الثانية عل أقل تقدير و هى التى حلت محل الربة السماوية "بات" التى ظهرت منذ ما قبل التاريخ (16,000 قبل الميلاد). و يبدو ان الدبران النجم الأحمر الرئيسي بكوكبة الثور و الذى يمثل عين الثور، قد يكون ذكريات كوكبة العصر الحجري القديم الأُرْخُص "aurochs".
    قاعة الثيران بكهف لاسكو Lascaux (فرنسا):
    في حقبة العصر الحجري القديم، التي انقضت منذ 33,000  10,000 (قبل الوقت الحاضر)، كانت الحضارات القديمة قادرة على تطوير التقاويم، كما هو موضح بعلامات على العظام والأحجار المنقولة واللوحات على جدران الكهوف. و أظهر رابينجلوك M.A. Rappenglück، فى عام 1998 أن الإنسان عرف أيضًا، من بين مجموعات النجوم الآخرى، الثُّرَيَّا، التى يمكن رصدها بسهولة بالعين المجردة، فقد تم التعرف عليها ربما منذ العصر الحجري القديم من قبل كل حضارة بشرية على كوكب الأرض من جرينلاند إلى نيوزيلندا. كما وجدها واضحة باللوحات الفنية في كهف لاسكو Lascaux (فرنسا) لاسيما فى قاعة الثيران. و ذلك وقت أن استخدم الصيادون القدماء الجامعين للقوت الأبراج لتوجيههم في المكان جعرافياً كبوصلة عند التجول للصيد (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) و ليس فى الترحال فقط بل لحساب الوقت. و بالطبع، فرضت أنماط النجوم في السماء دورًا مهمًا في الحياة الروحية، كنوع من التقديس.
    و يشير رابينجلوك إلي مزيج من نجم الدبران و مجموعة الثُّرَيَّا فى لوحة من كهف رأس الأسد La-Tête-du-Lion (منطقة Ardèche بفرنسا). و هذه الصورة من العصر الحجرى الأعلى، منذ 22,000  21,000 (قبل الوقت الحاضر) لديها تشابه ملحوظ مع التمثيل في كهف لاسكو Lascaux. فهناك أنثى البقر، وربما بقرة الأُرْخُص Aurochs مصوره بلون المغرة الأحمر. و يلاحظ أن صورة الأبقار تمثل أنثى وليس ثوراً بقريًا. و ترتبط بهذا الحيوان مجموعات من النقاط. فقد يمثل Aurochs الأُرْخُص كوكبة الثور و مع وجود البقع الستة (فى عمودين رأسيين فوق الكتف اعلى الحيوان)، يصبح من المؤكد انها تمثل الثُّرَيَّا Pleiadesكما ان كتلة النقاط السبعة في وجه الحيوان (حول العين على شكل العلامة <) ترتبط بالعنقود النجومى القلائص Hyades (الذى يوجد شرق الثُّرَيَّا) مع نجم الدبران.
    لكن تم اقتراح أن بعض التقاويم القمرية البدائية على الأقل تمثل عدد من الأيام أو أي نوع آخر من التشفير الرمزي المتعلق بدورة أطوار (أو أوجه) القمر. 
    تبدو فرضية أن علم الفلك قد ولد مع معرفة الحساب و العد في العصر الحجري القديم الأعلى صحيحة تماماً (Rappengüeck 2008, 2011). فالتلميح الأول، وإن كان مثيرًا للجدل، هو تواجد مُحتمل للتقاويم في القطع الأثرية من تلك الفترة. و قد كان هذا موضوع نقاش واسع منذ أن حدد Marshack مارشاك (1972) سلسلة من الشقوق على العظام المحضرة كعلامات تقويمية مرتبطة بعدد أيام الشهر القمري. ومن بينها، على وجه الخصوص، المثال الأكثر شهرة و هو عظم لجزء من جناح نسر وجد فى كهف يعود تاريخه إلى حوالي 30,000  28,000 سنة قبل الميلاد (العصر الحجري القديم الأعلى) من أبري بلانشارد (وادي دوردوني، جنوب فرنسا، حالياً بالمتحف الأثري)، حيث تم تفسير النقاط على أنها عدد من مراحل القمر المتتالية.  تمثل أكثر من شهرين يبدأ من المنتصف ثم يتموج احدهما ملتفاً لأعلى و الأخر لأسفل.
    عظم لجزء من جناح نسر من المأوى الصخرى أبري بلانشارد Abri Blanchard (وادي دوردوني Dordogne، جنوب غرب فرنسا):
    و قد تعرض عمل مارشاك لانتقادات كثيرة لأن العلامات لم تتراكم في الأيام اللاحقة، ولكنها كانت تتم في مناسبات قليلة فقط (D’Errico 1989). و مع ذلك، فمن الصحيح أيضًا أن شخصًا ما قد يكون قد حزًّ تلك العلامات التي تمثل دورة قمرية، بدلاً من عدًّ الأيام. و على أي حال، فإن الأدلة ليست نهائية وقد يكون من المفيد إعادة تحليل كاملة للسجلات المتاحة (D’Errico and Cacho 1994, Rappengüeck 2012). 
    لا أحد ينكر جاذبية نظرية التقويم القمري فى العصر الحجري القديم من قبل مارشاك، و ملاءمته كتفسير عقلاني لـ "علامات الصيد"، واستخدامها الواسع من قبل الشعوب على مستوى مماثل من التقنية. و يبدو أن الحس السليم يخبرنا أنه على حق، ولكن حتى الآن لا توجد براهين.

    مشاركتك للتدوينة هى الدافع لتقديم المزيد، رجاءً أضف أصدقائك
    مع خالص تحياتى
    اظهر تعليقات: بلوجر أو تعليقات جوجل بلس
    • تعليقات المدونة
    • تعليقات الفيس بوك

    0 تعليقات:

    إرسال تعليق

    ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

    Item Reviewed: أقدم التقاويم كأول أجهزة ضبط للوقت منذ العصر الحجري Rating: 5 Reviewed By: Hany Zarif blogger
    Scroll to Top