مدونة هانى ظريف

علم الآثار الفلكى يهتم بدراسة الآثار المصرية القديمة و علاقة محاورها الرئيسية بمواقع الشَّمْسُ و النجوم و القَمَرُ و الكواكب و حركات الأجرام السماوية الأخرى.

  • أحدث التدوينات

        زوار مدونة هانى ظريف من جميع أنحاء العالم

    Google Translate

    الثلاثاء، 19 سبتمبر 2017

        أكذوبة الادعاء بتعامد شمس ظهيرة الانقلاب الصيفى 6/21 على قدس أقداس معبد إدفو فى يوم عيد إلهه حورس

         بحسب الخبر المنشور فى جريدة الوفد الورقية و عدة مواقع على الإنترنت كجريدة الأهرام و صدى البلد و غيرهما، فإن فريق بحثى مكون من ثلاثة اعرفهم معرفةً شخصيةً، يدعون الآتى: 
    صورة (1): الفريق البحثى بقيادة باحث الدكتوراه احمد عوض (مهندس، فى وسط الصورة) و يضم معه أيمن أبو زيد (مرشد سياحى، إلى اليسار فى الصورة)، رئيس الجمعية المصرية للتنمية الأثرية و السياحية، و الطيب عبد الله (مرشد سياحى، إلى اليمين فى الصورة)، الباحث فى شئون علوم المصريات.
    تقول فرضيتهم أن المصري القديم قد أكد بلا مجال للشك، عندما شُيدَ معبد إدفو بطريقةً خاصة من حيث اتجاه محوره الرئيسى الشمالى الجنوبى، و من حيث وجود 3 نوافذ للإضاءة بقدس الأقداس بالضبط فوق المكونات المعمارية الرئيسية الـ 3 بداخله (ناووس تمثال الإله حورس + مذبح القرابين + القارب المقدس)، أن القصد من ذلك هو أن تسقط أشعة الشمس عموديةً على تلك المكونات بقدس الأقداس لتنيرها و تضيئها ظهيرة يوماً واحداً فى العام، و هو يوم الانقلاب الصيفى الموافق 6/21، و الذى هو نفس اليوم الموافق للعيد السنوى لإله المعبد حورس. و الدليل على ذلك هو أن قدس أقداس معبد "إدفو" هو قدس الأقداس الوحيد دون سائر المعابد المصرية القديمة الذي تم تشيد 3 نوافذ للإضاءة في سقفه. فقد أقيم معبد إدفو بهذا التصميم، بهدف حدوث تلك الظاهرة. و الدليل الآخر هو أن المصري القديم قد قدس شمس الظهيرة باعتبارها تجسيداً سماوياً للمعبود "رع حور آختى" في طور شبابه و فتوته، و بالتالى فمن شأن هذه الظاهرة منح قوة ذلك المعبود من شباب متجدد و فتوة دائمة و قوى الحياة الفتية، للإله حورس.
    صورة (2): الظاهرة الفلكية، حيث يلاحظ أن أشعة الشمس ليست عمودية على مذبح القرابين و القارب المقدس بل إلى اليسار من محور المعبد الرئيسى.
    و عند قراءة الخبر و مشاهدة الصورة، سيقتنع بلا أدنى شك أى شخص، و القارئ معذور لعدم تخصصه فى الموضوع، لكن الفريق البحثى بصراحة يستخف بالعقول. فلو أن الأدلة المساقة فى إثبات هذه الفرضية صحيحة، لكان الأمر مختلفاً، فالحقيقة العلمية عادةً لا لبس فيها و غير غامضة، و لكن ما نحن بصدده أوهن من خيوط بيت العنكبوت. فهذا الخبر ما هو إلا هراء سخيف لاعقلانى، و يمثل نوعاً من أنواع البروباجاندا الرخيصة و الدعاية الكاذبة و المغلوطة، و التى  لا ترقى حتى إلى مستوى الفرضية، بل هو مجموعة أفكار شخصية تم طرحها بدون أسانيد علمية أثرية و أسس علمية صحيحة. فيا حبذا لو يتركوا الآثار للمتخصصين فيها، فهم وحدهم دون سواهم من يفهم فيها.
    و لذلك فهذا الطرح خاطئ برمته جملةً و تفصيلاً، بل و يتنافى مع أدنى معرفة بالمفاهيم العامة لعلم المصريات و أبسط المبادئ الأساسية لعلم الفلك، و قواعد البحث العلمى. هذا رغم ادعاء أحد أعضاء الفريق بأنه باحث فى شئون علوم المصريات (و هذا خطأ و صحته علم المصريات)و لهذا فقد وقع الفريق فى جملةً من الأخطاء، سأحاول تلخيصها و إيجازها فى نقاط محددة. 
    الفرضية كلها مبنية على مواقع نوافذ الإضاءة بقدس الأقداس، و ما يقع أسفلها بالضبط (ناووس تمثال الإله حورس + مذبح القرابين + القارب المقدس)، و الذى يؤكد زعمهم. 
    ماذا لو كان مواقع كل تلك الأشياء (النوافذ و ما يقع أسفلها) خاطئ!
    و ماذا لو كان قدس الأقداس لا يحتوى أصلاً على 3 نوافذ للإضاءة (بما يماثل ما يقع أسفله) بل 2 أو 4 مثلاً!
    و ماذا لو كانت تلك الأشياء من عصور مختلفة و لم تُصنع فى نفس الوقت خصيصاً للظاهرة الفلكية!
    و ماذا لو كان لا يوجد عيد لحورس فى ذلك اليوم!
    و ماذا لو كان الادعاء بان تعامد شمس ظهيرة الانقلاب الصيفى 6/21 لا يمنح قوة "رع حور آختى" من شباب متجدد و فتوة دائمة و قوى الحياة الفتية لتمثال حورس!
    و ماذا لو كان يوم التعامد يوم آخر و ليس يوم الانقلاب الصيفى 6/21، و بالتالى ليس هو اليوم الوحيد فى العام لحدوث تلك الظاهرة الفلكية!
    و ماذا و ماذا و ماذا ... إلخ.
    بالقطع ستنهار الفرضية كلها، و ذلك تبعاً للقاعدة المعروفة أن ما بُنى على باطل فهو باطل، و هكذا سينتفى كل ادعاء بوجود الظاهرة الفلكية، و هو ما سأوضحه هنا. فالحجة بالحجة و الدليل بالدليل.
    السؤال الأول: هل السقف الموجود حالياً حقيقى و هل نوافذ الإضاءة فى أماكنها الصحيحة و هل عددها صحيح (3)؟!
    بالقطع لا لكل هذه التساؤلات، فلا السقف حقيقى بل جديد (ترميم)، و لا نوافذ الإضاءة فى أماكنها الصحيحة لأننا لم نعثر على آثار أو بقايا أصلية تدل على أماكنها، و لا حتى عددها (3) مؤكد بأى دليل أثرى ملموس. انظر الصور التالية.
    السؤال الثانى: هل مواقع الناووس و المذبح و القارب فى أماكنها الصحيحة؟!
    بالقطع لا، فلا يوجد أيضاً كذلك أى دليل أثري ملموس، يؤكد مواقعهم القديمة الأصلية الصحيحة. انظر الصور التالية.
    السؤال الثالث: هل تلك القطع من أثاث المعبد (و هى ليست عناصر معمارية كما يدعى رئيس الفريق، لأنه مهندس) من ذات العصر، و هل كانت على ذلك التوجيه الذى تدعى الفرضية انه الأساس فى إثبات الغرض الفلكى بهذا التصميم بهدف حدوث تلك الظاهرة الفلكية؟!
    بالقطع لا فكما سأبين فإن تلك القطع من أثاث المعبد هى من عصور مختلفة، و قد أُحضرت من أماكن مختلفة التوجيه، كما لا يوجد رابط بينها، كذلك تم ترتيبها حديثاً بدون وجود أى دليل مادى ملموس أثرى قديم يؤكد صحة مواقعها و توجيهاتها.
    هل بعد كل ذلك يدعى الفريق أن كل هذا حدث بهدف واحد و هو السبب لتلك الظاهرة الفلكية. 
    كيف يفوت على الفريق – الذى يصف نفسه بأنه فريق بحثى، بل و يضم باحث فى شئون علم المصريات – هذه الأمور الأساسية (السابق ذكرها) فى فرضيتهم؟! السبب ببساطة لأنه لا يوجد بينهم أثرى متخصص فى علم المصريات. المشكلة الكبرى أن الفريق يبنى تصوراته بطريقة عامية و ليست علمية، طبقاً للتفسيرات الشخصية، و ليس طبقاً للتفسير الأثرى أو حتى الفلكى.
    التفاصيل: الأدلة التى تؤكد كلامى:
    النقطة الأولى فى الفرضية: نظام الإضاءة.
    صورة (3): هذه الصورة التى ترجع لعام 1904 تُبين أن الجزء الأوسط المركزى من سقف صالة الأعمدة و كذلك سقف قدس الأقداس مفقودان، فبالتالى لا نعلم عدد النوافذ قديماً و لا مواقعها القديمة الأصلية الصحيحة، فلا توجد آثار أو بقايا تدل عليها.
    صورة (4): هذه الصورة تُبين أن الجزء الوحيد الأصلى القديم الأثرى الباقى من سقف قدس الأقداس هو فقط بدايته ناحية المدخل حيث يقف الرجل، و نهايته ناحية الداخل، و الجزء الأوسط المركزى مفقود تماماً. و حتى الجزآن المتبقيان لا يوجد بهما أى بقايا تُشير لمواقع نوافذ الإضاءة، أو حتى عددها.
    صورة (5): هذه الصورة تُبين أن الناووس حيث يوجد عادةً تمثال الإله حورس، لم يكن فى مكانه الأصلى القديم، بل كان فى الركن الأيسر الداخلى، كما أنه لم يكن يُوجد مذبح القرابين، و لا قاعدة القارب المقدس. فكيف نتأكد من مواقع ما لم نعثر عليه فى مكانه الأصلى الأثرى القديم؟!
    معنى هذا أن المواقع الأصلية القديمة الأثرية لهذه العناصر الـ 3 من أثاث المعبد (و هى ليست عناصر معمارية، كما يدعى رئيس الفريق، لأنه مهندس)، لم تكن محددة، فبالتالى وضعت كما أرتأ القائمون على ترميم المعبد حينئذ. فمن المعلوم أن الناووس و المذبح لابد أن يكونا على محور المعبد الرئيسى، و لكن هل كان الناووس مثلاً ملاصقاً للحائط كما فى الصورة؟!، و إن لم يكن كذلك، فكم كان يبعد عن الحائط الخلفى؟!، و نفس الأمر بالنسبة للمذبح، كم يبعد عن الناووس؟! و هكذا وضع الجميع بشكل تخمينى بحت لا يستند على أى أدلة أثرية ملموسة لمواقعهم الأصلية القديمة، التى لم تكن معروفة.
    و بنفس الطريقة عندما تم استكمال باقى الجزء الأوسط المفقود من سقف قدس الأقداس تم تجهيزه بـ 3 نوافذ للإضاءة (حسب الترميم، و هذا خطأ أيضاً، إذ ربما كان يوجد فى الأصل عدد مختلف مثلاً 2 أو 4). و هكذا بدون معرفة العدد الأصلى لنوافذ الإضاءة أو مراعاةً لمواقعها القديمة الغير معلومة، لا يمكن بناء فرضية، ثم استنتاج نتائج منها، فكل ما بُنى على الظن و التخمين، لا يؤكد شيئاً بالقطع. فما تم كان فقط لترميم السقف، للحفاظ على النقوش. و إذا ما كان ادعاء الفريق صحيحاً بأن قدس الأقداس هذا هو الوحيد دون سائر المعابد المصرية القديمة الذى تم عمل 3 نوافذ للإضاءة فى سقفه، فهذا فى حد ذاته دليل على خطأ الترميم سالف الذكر.
    كيف يفوت على الفريق – الذى يصف نفسه بأنه فريق بحثى – هذا الترميم الحديث للجزء المفقود من سقف قدس الأقداس، و الذى يظهر جلياً حتى فى الصور الحديثة للمعبد سواء من داخله أو خارجه؟!
    صورة (6): من داخل قدس الأقداس يتُبين فرق اللون الذى يظهر جلياً بين الجزء الأصلى القديم الأثرى الباقى من سقف قدس الأقداس ناحية الداخل، و الجزء الأوسط المركزى المرمم حديثاً (الجزء المفقود)، حيث نجد نوافذ الإضاءة.
    صورة (7): من خارج المعبد يتُبين فرق اللون الذى يظهر جلياً بين الجزء الأوسط المركزى المرمم حديثاً (الجزء المفقود) و الجزء الأصلى القديم الأثرى الباقى من سقف صالة الأعمدة و كذلك من سقف قدس الأقداس. قارن هذه الصورة بالصورة (3).
    لو كان ادعاء الفريق بصحة نظام الإضاءة المتعمد و المقصود من حيث العدد و الموقع (و هو ما بينت خطأه فيما سلف) لحدوث الظاهرة الفلكية، فلماذا نجد نوافذ الإضاءة فى باقى المعبد بدون أدنى ترتيب (بشكل عشوائى، يكاد أن يكون اعتباطى).
    صورة (8): نوافذ الإضاءة بصالة الأعمدة و التى لا يظهر فيها أى ترتيب أو نظام محدد متبع، و لا حتى تماثل على جانبيى تيجان الأعمدة ناحية اليسار.
    صورة (9): هذه الصورة تُبين بوضوح الجزآن الوحيدان المتبقيان من السقف الأصلى القديم الأثرى حيث بدايته ناحية المدخل باللون الأسود، و نهايته ناحية الداخل (تم تنظيفه، و لا يوجد عليه اللون الأسود).
    حتى الآن انصب جل حديثى عن نوافذ الإضاءة و التى على حسب فرضيتهم تعتمد على وجود 3 نوافذ، بينما فى الأصل قديماً ربما كان شيئاً آخر مختلف بالمرة، مثلاً 2 أو 4.
    النقطة الثانية فى الفرضية: موقع الناووس.
    بينت بالصور فيما سبق (صور 4 و 5) أن موضع الناووس الأصلي قديماً غير محدد و غير معروف. فلا نعرف هل كان الناووس مثلاً ملاصقاً للحائط، و إن لم يكن كذلك، فكم كان يبعد عن الحائط الخلفى؟! و لكننا نعرف من النصوص على جدران قدس الأقداس أنه من تشييد بطليموس 3، و لكن هذا الناووس الحالى من عهد الملك نختانبو من الأسرة 31، أى انه اقدم من المعبد الحالى بكثير، و يرجع لعهد المعبد القديم. هذا المعبد القديم من عصر رمسيس 3، و محوره الرئيسى شرق غرب (عكس محور المعبد الحالى). فهل يعقل حسب الفرضية التى تؤكد أن محور المعبد الحالى جنوب شمال (و ليس كما يدعى الفريق شمال جنوب، إلا إذ كنت ستدخل المعبد من الحائط الخلفى و ليس من البوابة)، هو بهدف حدوث تلك الظاهرة الفلكية، بينما كان الناووس فى معبد آخر أقدم معاكس فى الاتجاه، و غير مرتبط بأى ظاهرة فلكية.
    النقطة الثالثة فى الفرضية: موقع مذبح القرابين.
    كما هو ظاهر فى الصور القيمة للمعبد (صور 4 و 5)، لم يُعثر على المذبح فى قدس الأقداس وقت اكتشاف المعبد، بل عُثر عليه لاحقاً. و نعرف من النصوص على جدران قدس الأقداس أنه من تشييد بطليموس 3، و لكن هذا المذبح الذى عُثر عليه لاحقاً، يرجع لعهد بطليموس 5، أى أنه أحدث، و ليس الأصلى القديم. كما أن موضعه الأثرى غير محدد و غير معروف. فكيف يتم ترتيب تلك القطع من أثاث المعبد، و التى هى من عصور مختلفة،  و أماكن مختلفة و ليس بينها رابط، بهدف واحد هو حدوث تلك الظاهرة الفلكية.
    صورة (10): خراطيش الملك بطليموس 5 على مذبح القرابين.
    و حتى مع افتراض صحة موقع مذبح القرابين الحالى بقدس الأقداس (رغم عدم وجود ما يؤكد ذلك)، فإن أشعة الشمس الساقطة عليه ليست عموديةً تماماً بل منحرفةً عنه إلى اليسار من المحور الرئيسى للمعبد و بالكاد تمس جزؤه الداخلى (حيث ضوء الشمس يُمثل بقعةً ضوئيةً فى الصورة التالية).
    صورة (11): صورة مكبرة للظاهرة الفلكية، حيث يلاحظ أن أشعة الشمس إلى اليسار من محور المعبد الرئيسى كما أنها ليست عمودية على مذبح القرابين بل بالكاد تمس جزؤه الداخلى (حيث ضوء الشمس يُمثل بقعةً ضوئيةً) و نفس البقعة الضوئية و لكن بحجم أصغر نجدها على الجزء الأمامى الأيسر من القارب المقدس.
    السؤال هنا هل لدينا صورة افضل تؤكد تعامد الشمس على المذبح فى تاريخ آخر غير يوم الانقلاب الصيفى  6/21 (حيث يؤكد الفريق انه اليوم الوحيد فى العام لحدوث تلك الظاهرة الفلكية)؟!
    الإجابة هى نعم، و الدليل هو الصورة التالية، فأشعة الشمس عموديةً تماماً على المذبح و على محور المعبد الرئيسى، و ليست منحرفه عنه لليسار (كما فى صورة الفريق). فتعامد أشعة الشمس على المذبح هنا افضل بكثير من صورة الفريق. و السبب فلكى بحت، سيلى ذكره لاحقاً.
    صورة (12): صورةً قديمةً (منذ حوالى 30 عاماً) قبل وضع القارب المقدس فى قدس الأقداس (و هذا هو الوضع الصحيح)، نجد فيها أشعة الشمس متعامدة فعلاً على مذبح القرابين و على محور المعبد الرئيسى.
    النقطة الرابعة: موقع القارب المقدس.
    السؤال هنا، هل هذا هو القارب المقدس الحقيقي الأصلي الأثرى القديم، و هل هو فى موقعه الصحيح القديم؟!
    إذا لم يكن هو، و إذا لم يكن فى موقعه الصحيح القديم لانهارت دعامةً أخرى من دعائم الفرضية.
    فى الواقع الإجابة على كلا التساؤلين هو لا، فلا القارب هو الحقيقي الأصلي الأثرى القديم، و لا فى موقعه الصحيح. فهذا القارب عمره الآن حوالى 100 عام فقط، و هو قد صُنع فيما بين أعوام 1905 – 1914 على يد الأثرى الإنجليزى آرثر ويجال، و الذى كان حينئذ رئيس تفتيش آثار مصر العليا. و قد استعان فى صنعه بما هو منقوش على جدران المعبد، بعد دراسة مستفيضة للنسبة و التناسب بين حجم الكهنة حاملى القارب، مراعياً قياس القارب نفسه، لاسيما بعد العثور على قاعدته، و معرفته بالحجرة التى كان يُحفظ بها، و التى هى ليست قدس الأقداس كما هو الآن، (فهذا وضع خاطئ تماماً)، بل كان له حجرةً خاصةً به تقع خلف قدس الأقداس مباشرةً، على المحور الرئيسى للمعبد، و هو ما يظهر فى الصور السابقة (12) و الصورة التالية (13).
    صورة (13): القارب المقدس فى حجرته الخاصة به (منذ حوالى 30 عاماً)، و التى تقع خلف قدس الأقداس مباشرةً على المحور الرئيسى للمعبد.
    النقطة الخامسة: ميعاد حدوث الظاهرة.
    يدعى الفريق أن الظاهرة لا تحدث فى العام إلا مرةً واحدةً، و هو ظهيرة يوم الانقلاب الصيفى 6/21، بينما الواقع يُثبت غير ذلك، ففى ظهيرة أى يوم تكون أشعة الشمس عموديةً (كما فى صورة 12)، و هذا الادعاء من الفريق لإثبات صحة استنتاجه، خاطئ فلكياً، و لكن ما تم عملياً هو لوى الحقيقة الفلكية لتتماشى مع الفرضية الفلكية العامية الغير علمية. فلو كانت أشعة الشمس عموديةً لظهرت على محور المعبد الرئيسى كما فى الصورة 12، بينما صورة الفريق تُظهر انحرافاً لليسار عن محور المعبد الرئيسى كما فى الصورة المكبرة 11، إذاً فلكياً هذا ليس وقت الظهيرة بل بعدها (استنتاج علمى مبنى على حقيقة فلكية، و ليس تصور شخصى خاطئ). 
    صورة (14): كان الظهر فى ذلك اليوم (الانقلاب الصيفى 6/21) الساعة 11:50 (Culmination)، حيث توجد الشمس فى منتصف الصورة، و نجد اتجاه الشمال (Nفوق قدس الأقداس، و نجد هذا الخط الممتد للأسفل جنوباً، ليس موازياً للجدار الخارجى الأيمن للمعبد، و الذى يُمثل محور المعبد الرئيسى، فلكى تسقط أشعة الشمس عموديةُ على قدس الأقداس فى ذلك اليوم فى هذا التوقيت لابد و أن تكون بنفس زاوية ميل المحور الرئيسى للمعبد، و الذى يُمثله الجدار الخارجى الأيمن للمعبد، و هذا لا يتحقق إلا فى فترة ما بعد الظهيرة.
    صورة (15): شمس الظهيرة (12) على يمين محور المعبد، بينما شمس الواحدة ظهراً (13) هى التى على المحور الرئيسى، و بالتالى هى العمودية.
    النقطة السادسة: عيد حورس.
    يدعى الفريق أن يوم الانقلاب الصيفى 6/21 هو عيد حورس، بدون تحديد لاسم هذا العيد، فهناك العديد من الأعياد لحورس (5 أعياد)، فالحديث هنا مرسل على عناته، و طالما الأمر هكذا، و لم يتم تحديد عيداً بعينه، فالمفترض أن يكون هذا العيد هو أكبر و أشهر عيد لحورس إدفو، حيث كان المعبد يشهد عدداً كبيراً من الأعياد السنوية. هذا العيد و الذى اسمه "العيد الكبير لحورس" لم يتوافق مع يوم الانقلاب الصيفى 6/21، و بالمناسبة لا يوجد أى عيد لحورس يتوافق مع ذلك اليوم. 
    و من المعروف طبقاً للنصوص الدينية و المعروفة باسم "الأنشودة الكبيرة"، و التى كانت تُرتل فى ذلك العيد، كما أنها تصف العيد تفصيلاً، و المدونة على جدران الجزء الأيمن (الشرقى) من الحائط الداخلي للممر الداخلي المحيط بالمعبد، أنه كان يقع فى بداية الشهر 5 من العام، أى شهر نوفمبر فى فصل الشتاء و ليس الصيف، كما يدعى الفريق. هذه واحدة تاريخ العيد خطأ
    فالأعياد فى مصر القديمة كانت تمتاز بانها احتفالات شعبيةً يشاهدها و يشارك فيها جموع ضخمة من عامة الشعب، فلم يكن هناك أى عيد فى قدس أقداس أى معبد. ففى هذا العيد كان يتم اختيار افضل الصقور المقدسة من حظيرة المعبد المسماة "معبد الصقر"، و ُيؤخذ إلى شرفة التجلى بين برجى الصرح، أعلى البوابة، حيث بعد دهان رأسه بالعطور، كان يُتوج بتاج ذهبى كتجسيد للملك الحاكم، و لإعلان ملكيته على عرش الآلهة كالملك الحاكم، ثم يتم إطلاقه لعنان السماء.
    الخطأ الثانى: فى هذا العيد لا يوجد أى ذكر لـ "رع حور آختى"، و الذى يدعى الفريق أن التعامد فى ظهيرة يوم الانقلاب الصيفى 6/21، يوحد بين تمثال الإله بقدس الأقداس، و "رع حور آختى" الذى يُمثل طور شباب و فتوة الشمس، و بالتالى فمن شأن هذه الظاهرة الفلكية منح قوة ذلك المعبود من شباب متجدد و فتوة دائمة و قوى الحياة الفتية، للإله حورس. هذا الطرح خاطئ برمته جملةً و تفصيلاً، بل و يتنافى مع أدنى معرفة بالمفاهيم العامة لعلم المصريات و أبسط المبادئ الأساسية للديانة المصرية القديمة. ففى أى معبد لا يزال محتفظاً بسقفه نجد أننا كلما تعمقنا للداخل يحل الظلام تدريجياً بدلاً من ضوء النهار، و هذا مُلاحظ فى معبد إدفو على وجه الخصوص، لأنه أكمل المعابد. 
    و الهدف من الإظلام هو بعث الرهبة و الخشوع و الغموض فى نفس الداخل لقدس الأقداس، و كذلك للتأكيد على طبيعة الإله الخفية فى الظلمات، بل إن تمثال الإله لا يشاهده أحد سوى الملك أو كبير الكهنة فقط، أثناء الخدمة اليومية فى المعبد. و هذه الخدمة اليومية لتمثال الإله تتم 3 مرات يومياً، صباحاً و ظهراً و ليلاً، و الغرض منها هو اكتساب التمثال قوة الحياة الإلهية. و كانت الخدمة الصباحية أهمهم، أما خدمة فترتى الظهيرة و الليل فتقتصر فقط على نظافة و تطهير المعبد بأكمله. أى لو أن هناك ظاهرة فلكية فى الظهيرة فلن يتسنى لكبير الكهنة أو الملك مشاهدتها. لذلك فان جميع الظواهر الفلكية فى المعابد تكون مع إشراقة شمس الصباح، هذه النقطة الثانية.
    الخطأ الثالث: حسب مفهوم العقيدة المصرية القديمة كان يتم منح تمثال الإله الشباب المتجدد و الحيوية و الفتوة الدائمة و قوى الحياة الفتية بواسطة حمل تمثاله فى يوم بدء العام إلى أعلى سطح المعبد ليتحد بقرص الشمس فى كشك (مقصورة) مخصصة لذلك الأمر. و يتم الصعود إليها بواسطة سلالم لا تزال موجودة للآن على اليمين (الجانب الشرقى، سلم مربع الشكل)، و مُنقوش على جدرانه موكب الصعود بالمقصورة الإلهية (حيث تمثال الإله)، بينما يسلك موكب الهبوط الجانب الغربى (الأيسر، سلم مستقيم). ونجد هنا الرمزية فى اختيار السلم الشرقى للصعود مع إشراقة شمس الصباح، و السلم الغربى للهبوط مع غروب الشمس.
    الخطأ الرابع: الإله "رع حور آختى" ليس له أدنى علاقة بإله المعبد (حورس إدفو). و شتان بين الإلهين.
    صورة (16): سلم الصعود على الجانب الأيمن (الشرقى) المربع الشكل، حيث نرى الكهنة حاملين مقصورة تضم تمثال الإله إلى أعلى سطح المعبد حيث كشك (مقصورة) الاتحاد بقرص الشمس.
    صورة (17): كشك (مقصورة) الاتحاد بقرص الشمس أعلى سطح معبد دندرة.
    مشاركتك للتدوينة هى الدافع لتقديم المزيد، رجاءً أضف أصدقائك.
    مع خالص تحياتى

    اظهر تعليقات: بلوجر أو تعليقات جوجل بلس
    • تعليقات المدونة
    • تعليقات الفيس بوك

    0 تعليقات:

    إرسال تعليق

    ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

    Item Reviewed:     أكذوبة الادعاء بتعامد شمس ظهيرة الانقلاب الصيفى 6/21 على قدس أقداس معبد إدفو فى يوم عيد إلهه حورس Rating: 5 Reviewed By: Hany Zarif blogger
    Scroll to Top